الصين: قوة اقتصادية صاعدة

 تعتبر التجربة الصينية نموذجا للدول النامية التي حققت إقلاعها الاقتصادي وتكوين قوة اقتصادية صاعدة منافسة للقوى الاقتصادية الكبرى في العديد من الميادين. وقد استفادت في تحقيق ذلك من مؤهلات طبيعية وبشرية والاعتماد على اقتصاد السوق والانخراط في العولمة. ورغم هذا التطور، فالاقتصاد الصيني يواجه مجموعة من المشاكل والتحديات.
  فما مظاهر النمو الاقتصادي للصين؟ وما العوامل والأسس المفسرة للإقلاع الاقتصادي الصيني؟ وما المشاكل والتحديات التي يواجهها الاقتصاد هذا البلد؟

لعوامل المتحكمة في الاقتصاد الصيني :

1     تنقسم الصين إلى ثلاث وحدات طبيعية :
·    -   الصين الشمالية ( الشمال الشرقي )  : وتتشكل من سهلين رئيسيين هما سهل منشوريا الذي يعتبر أخصب منطقة في الصين ، ثم السهل الكبير الذي تكسوه تربة خصبة تعرف باسم اللويس  Loess ، إلى جانب الهضاب الداخلية  . ويسود في هذه المنطقة مناخ معتدل إلى بارد .
·     - الصين الجنوبية ( الجنوب الشرقي )  : وتتميز بتنوع التضاريس ( التلال - السهول - الهضاب ) وبمناخ مداري.
·     -   الغرب الصيني : ويمثل جزءا مهما من مساحة الصين ويتشكل من جبال شديدة الارتفاع مثل الهملايا ، وهضاب مرتفعة كهضبة التيبتTibet ، و أحواض داخلية كحوض تاريم tarim  .  ويسود في الغرب الصيني المناخ الجبلي الذي يتمركز في المرتفعات ، والمناخ الصحراوي الذي ينتشر في المنخفضات .

2- على المستوى الصناعي:
تتجلى مظاهر قوة الصناعة الصينية في تعدد المناطق الصناعية مع ظهور مناطق حديثة التصنيع، وبروز واجهة صناعية منفتحة على الخارج، إضافة إلى التطور الكبير الذي عرفه الإنتاج الصناعي لعدد من المواد ما بين 1949 و2000م، فضلاً عن احتلال المنتوجات الصناعية الصينية لمراتب متقدمة على المستوى العالمي ( المرتبة الأولى في إنتاج الصلب وخيوط القطن والنسيج الاصطناعي ولعب الأطفال والأحذية). دون نسيان أهمية مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي الداخلي الخام للبلاد (%52,1).
3- على المستوى التجاري:
يظهر تطور التجارة الصينية في تطور قيمة المبادلات الخارجية للصين في السنوات الأخيرة بأكثر من %300، وتطور صافي الميزان التجاري مع العالم من 12 مليار دولار سنة 1995م إلى 95 مليار دولار سنة 2005م، إضافة إلى الانفتاح المتزايد للصين على مختلف القارات والبلدان بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
 Ⅱ: يفسر النمو الاقتصادي الصيني بعدة عوامل:
1- العوامل الطبيعية:
يلعب الوسط الطبيعي دوراً مهما في تطور الاقتصاد الصيني، ويتجلى ذلك في:
* امتداد مهم للسهول الصالحة للنشاط الفلاحي، رغم اختلاف خصوبة التربة من منطقة لأخرى، فهي خصبة في المناطق الشمالية ومتوسطة الخصوبة بالوسط والجنوب وضعيفة في المناطق الغربية من الصين.
 تنوع مناخي يتيح إمكانيات متعددة للنشاط الفلاحي، فالصين تتوفر على مناخات متنوعة تتدرج من المناخ القاري شمالاً إلى المناخ المداري الرطب جنوباً.
 توفر الصين على أنهار كبيرة (الأصفر، الأزرق، السي كيانغ...) وخطيرة (الفيضانات) إلا أنها تشكل ثروة مائية مهمة يمكن استغلالها في الميدان الفلاحي (السقي) وفي ميدان الصناعة (إنتاج الطاقة الكهربائية).
*  توفر الصين على ثروات طاقية ومعدنية مهمة ومتنوعة (الفحم، البترول، الكهرباء، الزنك والرصاص) تخدم السياسة الصناعية الصينية.
2- الأسس البشرية:
تلعب المقومات البشرية دوراً مهما في بناء القوة الاقتصادية بالصين إذ تتوفر هذه الأخيرة على إمكانيات بشرية كبيرة تتمثل في اعتبارها أكبر تجمع سكاني في العالم (1 مليار و300 مليون نسمة) وهو ما يوفر للبلاد موارد بشرية كافية ومؤهلة علمياً وتقنياً ( 1 مليون تقني ومهندس سنة 2001م )، إضافة إلى تطور نفقات البحث العلمي والتنمية بالصين مقارنة ببعض البلدان النامية، دون نسيان نجاح سياسة تحديد النسل الإجبارية.
Ⅲ: تواجه اقتصاد الصين مجموعة من المشاكل والتحديات:
1- تؤثر في الاقتصاد الصيني مشاكل وتحديات سكانية سوسيو اقتصادية:
    سكانياً: تعرف الصين تضخما في عدد السكان أثر سلبا على الاقتصاد مما دفع البلاد إلى اللجوء إلى نهج سياسة تحديد النسل (الطفل الوحيد). وإن كان لهذه السياسة دور كبير في تقليص وتيرة النمو الديموغرافي، فإنها أدت إلى تزايد نسبة الشيخوخة في المجتمع وهو ما سيؤدي إلى تقلص اليد العاملة في المستقبل.
    اجتماعياً: تعرف الصين تفاوتا في الوضعية السوسيو اقتصادية للسكان ترتبت عنه نتائج سلبية: مثل التفاوت بين سكان البوادي والمدن من حيث معدل الأمية والدخل الفردي ونسبة الفقر، وهو ما يؤدي إلى هجرة سكان البوادي نحو المدن.
   اقتصادياً: تعرف الصين نقصا في بعض المواد الأولية والطاقية، فحاجات الصين لهذه المواد تتزايد بحكم التطور الذي تشهده الصناعة. ولضمان التزود بهذه المواد لجأت الصين إلى عقد اتفاقيات مع دول أجنبية، وهذا ما يجعل الاقتصاد الصيني مرتبط بالخارج  وبالتالي يتأثر بشكل كبير بعدم استقرار السوق العالمية.
 رغم النمو الاقتصادي الذي عرفته الصين لازال مستوى التنمية البشرية متوسط ومتفاوت بين المدن والقرى الصينية.
خاتمة:
          إن النمو الاقتصادي الذي حققته الصين في السنوات الأخيرة ينتظر أن يستمر لسنوات أخرى، وهو ما سيعزز التحول الجذري للاقتصاد وسيزيد من تحسن مداخيل الأسرة وتراجع عدد الفقراء في البلاد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

إشترك الأن في القائمة البريدية

لكي يصلك جديد المواضيع إلى بريدك الإليكتروني

جميع الحقوق محفوضة © لموقع دراسة ويب 2013

تصميم :ياسين بنيسو