مفهوم الوعي و اللاوعي

تقديم:
          تختلف مدلولات الوعي من مجال إلى آخر، ومن فيلسوف إلى آخر، فمنهم من يقرنه باليقظة في مقابل الغيبوبة أو النوم. ومنهم من يقرنه بالشعور فيشير إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية. ويمكن أن نجمل الدلالة العامة للوعي فيما يلي: إنه ممارسة نشاط معين ( فكري، تخيلي، يدوي...الخ)، وإدراك تلك الممارسة. و يمكن تصنيف الوعي إلى أربعة أصناف وهي:
1) الوعي العفوي التلقائي:  إنه ذلك النوع من الوعي الذي يكون أساس قيامنا بنشاط معين، دون أن يتطلب منا مجهودا ذهنيا كبيرا، بحيث لا يمنعنا من مزاولة أي نشاط آخر.
2) الوعي التأملي: إنه وعي يتطلب حضورا ذهنيا قويا مرتكزا في ذلك على قدرات عقلية كلية كالذكاء أو الإدراك أو الذاكرة.
3) الوعي الحدسي: وهو الوعي المباشر و الفجائي الذي يجعلنا ندرك الأشياء أو العلاقات، أو المعرفة، دون أن نكون قادرين على الإدلاء بدليل أو استدلال.
4) الوعي المعياري الأخلاقي: وهو الذي يسمح لنا بإصدار أحكام قيمة على الأشياء والسلوكيات بحيث نرفضهما أو نقبلهما بناءا على قناعات أخلاقية، وغالبا ما يرتبط هذا الوعي بمدى شعورنا بالمسؤولية اتجاه أنفسنا و اتجاه الآخرين.
        و على هذا الأساس فالوعي هو إدراكنا للواقع و الأشياء، إذ بدونه يستحيل معرفة أي شيء. لذلك يمكن وصف الوعي بأنه « الحدس الحاصل للفكر بخصوص حالاته و أفعاله». فهو بمثابة  "النور" الذي يكشف للذات عن بواطنها.
أما اللاوعي فهو يدل إلى حد ما على مقابل الوعي. و هنا يمكن الحديث عن اللاشعور باعتبار السلوك اللاواعي أو الذي يصبح "واقعة نفسية".
I ) الوعي والإدراك:
1) المقترب العلمي للوعي تصور شونجو
هدف المحور: أن نتعرف عن مفهوم الوعي وعلاقته بالإدراك والشعور والذاكرة.
سؤاله الإشكالي: هل يمكن تحديد مفهوم الوعي؟
تحليل النص: ص 14 ل ج.ب.شونجو/1936 ....)
صاحب النص: عالم بيولوجيا فرنسي من مؤلفاته " العقل واللذة والأسس الطبيعية للأخلاق.
إشكال النص: كيف يمكن تحديد الوعي؟ وبأي معنى يعد نشاطا عصبيا فزيولوجيا؟ كيف تتأسس المقاربة العلمية للوعي؟
أطروحته:
الوعي نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، وأنه يرتد إلى الطابع المادي للصور العقلية.
موقف راسل:
       حلل برتراند راسل عن الوعي وربطه بالمدركات الحسية أو الخبرات الحسية حيث أكد على ضرورة عدم فصله  (أي الوعي) عن مثيرات العالم الخارجي فهو عبارة عن ردود أفعال اتجاه وسطه. هذا يعني أن الوعي طاقة تميز الإنسان عن الجمادات. و من ثم فإن راسل أكد على تلازم الوعي مع حالة اليقظة، و ليس مع حالة النوم أي أنه غير مستمر في الزمن. وأكد كذلك على ضرورة الانتباه إلى عامل اللغة لأنها، في نظره، جهاز و نظام غير منسق. وهنا نجده يميز بين نوعين من اللغة : لغة مرشدة تمكن من فهم طبيعة العالم الذي نتحدث عنه، ولغة مظللة وخداعة للتفكير. ومن ثمة فإن كثيرا من الفلاسفة الذين اعتمدوا عليها ظلوا وأظلوا.
إن الوعي بالذات عند راسل يعني أمرين هما : دخول هذا الإنسان في علاقة مع العالم الخارجي، واكتشافه لذاته ولأفكاره و لعواطفه. أي أن هناك امتحانا للإنسان بإدراك وجوده الذاتي. وهنا يكمن مفهوم الوعي عند راسل و يتجلى. فعندما ندرك معطيات العالم الخارجي فإننا نكون، حسب راسل، فقط في مجال ردود الفعل اتجاه العالم، ونشترك في هذه الخاصية مع الجمادات. هذا يدل على أن الوعي لا يتحدد عند مستوى إدراك العالم الخارجي بل هو فقط رد فعل على النحو الذي تِؤذيه الحجارة و الجمادات عموما.
2) المقترب الفلسفي للوعي " تصور ديكارت"
نص 1: يقول ديكارت

بقدر ما أننا نميز بين الرؤية المباشرة والرؤية المنعكسة بأن تلك الأولي تتوقف علي الأشعة وتتوقف هذه علي الثانية بقدر ما أن الأفكار البسيطة والأولى ( الذين يشعرون بالألم لأن الريح نفخ أمعاءهم أو يشعرون باللذة لأنهم تغذو بمزاج لائق) يمكنها أن تسمى أفكارا مباشرة وغير منعكسة ، لكن عندما يشعر الرائد بشيء ما، ويدرك في الوقت نفسه بأنه لم يشعر فقط بالشيء ذاته فإنني أسمي هذا الإدراك الثاني انعكاسا. رسالة 1648 amauld (2)29 juillet 1648
نص 2:
نجد أن الفكر محمول يرتبط ب وهو الوحيد الذي لا يمكنه أن ينفصل عن أناي. أنا كائن، وأنا موجود. هذا أمر يقيني، لكن كم من الوقت؟ بقدر ما أنا أفكر.
ديكارت، تأملات ميتافيزيقية
نص 3:
أعني بالفكر كل ما يختلج فينا بحيث نكون واعين به، وحيث نكون به وعي.
مبادئ الفلسفة:
نستطيع أن نميز لدى ديكارت بين الفكر أو الوعي المباشر وبين الفكر أو الوعي المنعكس وذلك على غرار مثل تمييزنا بين الشعاع الساطع مباشرة وذلك الذي يكون منعكسا على مرآة ويرتد إلى نقطة انطلاقه.
يكون الوعي مباشر إذا كان وببساطة، وعيا بشيء ما ويكون وعيا منعكسا إذا كان يحيل في الوقت نفسه إلى أنا مفكر كالتي يتحسر لديها الوعي بذاتها. وبالفعل فالوعي المنعكس يتضمن عملية اعتراف أو تعرف ( يتعرف الوعي على ذاته أو يحصل للذات الاعتراف بذاتها من حيث هي ذات واعية أو مفكرة) ويمكن لنا القول على وجه الخصوص بأنه وعي منعكس بما أنه لا يتحدد فقط بالفعل المباشر الذي يكون للماضي في الحاضر، بل بعودة الوعي الذي يتعرف في انطباع الحاضر على ذكرى انطباع الماضي. والحال أن الوعي المباشر لا يكون واعيا سوى بموضوعه الحاضر، إنه وعي لحظي، فيما يكون الوعي المنعكس أو الوعي الذاتي هو الوحيد الذي يكون واعيا بالاستمرارية النفسية.
لقد اكتشفت الديكارتية في ( الأنا أفكر) أو الذات المفكرة المبدأ الأول للميتافيزقا باعتباره أساسا كل يقين والحال، أن العودة إلى الذات أو الانعكاس هذا الذي بواسطته أفكر أنني أفكر هو الذي يسمى وعيا. فالفكر هو الشرط الضروري والكافي لمعرفة وجود الآنة الواعية، إنه يشكل طبيعة الذات من حيث هي ذات واعية وبهذا العنى يتماهى عند ديكارت- الفكر والوعي إن لم يكن الفكر هو عين الوعي.
وبذلك فالوعي يغدو خاصة إنسانية فهو صفة تخص الذات هذه التي تثبت كينونتها بالفكر وحده وبمعزل عن الحس والخيال أو أي موجود حسي آخر. وبرغم ارتباط الفكر أو الوعي بالزمان بحيث إن الانقطاع من التفكير هو انقطاع عن الوجود فإن ذلك لا يعني ارتباطه بالتاريخ وإذا كان الوعي غير متوقع عن التاريخ فإن هذا يفضي إلى تحديد جوهري ما هوي بمفهوم الوعي،/ حيث يكون الوعي جوهرا قائما بذاته وهذا يسقط في نوع من الآنا الأحاذية solipsisme والانغلاق أو العزلة الجذرية

إذا كان راسل يجمع بين لفظ الوعي وحالة اليقظة متجاهلا حالة النوم، فإن برجسون يتجاوز هذا الطرح ليؤكد على صيرورة الوعي في الزمن، ليشير به إلى جميع العمليات السيكولوجية الشعورية. فالوعي أو الفكر عند برجسون ذو طبيعة مجردة أي أنه غير ملموس ويرفض أن يقترن بأي طابع نسبي أو ذاتي، حيث أنه دائم الحضور في حياة كل إنسان، لا يقبل القسمة إلى لحظات شعورية مرتبة بشيء ما، أو موقف معين، بحيث تتدفق و تنساب عبر الزمن حتى يصعب التمييز بين لحظاته. إنه إدراك الذات وللأشياء في ديمومتها و استمراريتها. أما تعريف الوعي بشكل واضح ونهائي فإنه يطرح صعوبة كبرى أدت ببرجسون إلى ربط الوعي بالذاكرة التي تحفظ ماضي الإنسان في الحاضر. إن الوعي أيضا قدرة على تجاوز الحاضر عقليا وتمثل صورة المستقبل.فالإنسان الذي لا ذاكرة لديه لاوعي له، لذلك فشرط وجود الوعي هو وجود الذاكرة و استقراره بها، ليصبح انفتاحا على الحاضر و الماضي و المستقبل. فعندما نفكر في أي لحظة معينة فإننا نجد هذا الفكر يهتم بالحاضر و بما هو كائن، لكن من أجل تجاوز ما سوف يكون في المستقبل و هذا يعني أنه لا يوجد وعي عند  برجسون دون مراعاة حياة المستقبل. فالمستقبل هو الذي يجعل الفكر يتقدم باستمرار دون انقطاع في الزمن و يجره إليه. لفهم  طرح برجسون بصدد تعريف مفهوم الوعي نستحضر أنه ينتمي إلى فلسفة الحياة  والصيرورة و الحركة، و نؤكد  على مجالين هامين في فلسفته عموما : مجال المادة المتميزة الصلبة، و مجال الحياة والوعي المتواصل، وهذا يقع في نطاق الحدس فعن طريقه يمكن إثبات الحقيقة متجسدة في الصيرورة و ليست مجرد الحياة والوعي.
ستنتاج:
انطلاقا من نظريته في التحليل النفسي يرى فرويد أن اللاشعور هو الأساس الحقيقي للحياة النفسية ومن تم فهو يدعو إلى عدم المبالغة في تقدير أهمية الشعور الذي لن يعدو عن كونه جزءا ضيقا من اللاشعور . وحتى يؤكد فرويد الوجود النفسي اللاشعوري، فهو يعتبر الحلم علامة على تلك الاندفاعات الغريزية ذات الطابع الجنسي وعلى كل الأفكار أو الأشياء التي تركبتها لعدم تلاؤمها مع مبدأ الواقع، وبذلك فإن الحلم بمثابة الطريق الملكي اللاشعور والذي يسمح بتحقق رمزي تخيلي لبعض مكونات هذا الجانب النفسي اللاشعوري طالما أن الشعور لا يسمح بتحققها مباشرة.
وبتأكيد فرويد على أن المحدد: الرئيس الشخصية هو اللاشعور فإن هذا يدفعها إلى التساؤل عما تبقى للذات باعتبارها واعية ومفكرة ومديرة وحرة.
2) المنظور الفلسفي:( استتما نص ص 19 alain )
مقابل الأطروحة الفرويدية التي تؤكد على حتمية المحددات اللاشعورية وأهميتها القصوى في الحياة النفسية بلور Alain أطروحة مضادة تعتبر أن ما يعتمل ( يختلج في أنفسنا) في ذواتنا من أفكار وتصورات غنما يرتد ( يرجع) إلى الذات الفاعلة والواعية ومن تم رفض هذا الكيان السيكولوجي ( النفساني) الغريب الذي أبعد عنه النظرية الفرويدية.
هكذا يعتبر Alain أنه إذا كان افنسان غامضا وتخترقه ظواهر ملتبسة فإن هذا ما يتعين معرفته والبحث فيه بدلا من زعم افتراضات خاطئة المؤسسة على مفهوم اللاشعور . وخاصة حينما يتحول هذا اللاشعور إلى أنا آخر غريب يسكننا على نحو غريب ليتأكد لدى Alainأن الإنسان لا يفتأ يمارس ذاته الفاعلة والحرة والمريدة.
ومهما تبدت أهمية الوعي وفاعليته لا يمكن له أن يعمل على تزييف وتشويه حقيقة الواقع بدل تقديمه كما هو بمعنى آخر لا يمكن أن يصبح هذا لاوعي بفعل الإيديولوجيا والفهم وعيا زائفا ومشوها؟

الهو : وهو نسق سيكولوجي يتألف من المكونات الغريزية والدوافع والانفعالات الموروثة . ويتمركز الهو حول مبدأ اللذة أو ما يصطلح فرويد على تسميته بنزعة الليبيدو. لأن همه الأساسي هو الحصول على اللذة ودفع الألم، حيث لا يعرف معنى التأجيل. ومن خصائص الهو أنه بعيد عن المنطق والعقل لكونه يتصف بالتهور والاندفاع، ولا يتمثل السيرورات المنطقية والأخلاقية … إلخ.
·  الأنا: وهو الجزء من الهو الذي تلاءم مع الواقع . و هو النظام السيكولوجي الذي يتصف - على عكس الهو - بالتعقل والرزانة والحكمة. ومن ثمة، فإنه يتمركز حول مبدأ الواقع ، وهمه الأساسي هو تلبية رغبات الهو بشكل يتلاءم مع الواقع ولا يثير غضب الأنا الأعلى .
لأنا الأعلى : وهو النظام النفسي الذي يمثل جميع القيم الأخلاقية والعادات الاجتماعية.ويتشكل الأنا الأعلى بفعل الأوامر والنواهي ( التربية ) ؛ ومنه نستوحي ما ينبغي وما لا ينبغي القيام به . وهو ما يماثل في حياتنا النفسية مفهوم المثالية الأخلاقية، وما يقابل في الاصطلاح الأخلاقي العادي مفهوم الضمير .
ما هي الإيديولوجيا: وماوظائفها ؟ ويكف تكون وعيا زائفا يشوه الواقع؟
أطروحة نص ص 22 : الإيديولوجية عملية فكرية عامة تعمل بواسطتها التمثلات الخيالية على تزييف وتشويه الواقع.
العناصر الحجاجية: - يقدم تعريفا للإيديولوجيا باعتبارها عملية فكرية عامة تعمل من خلال تمثلات خيالية على القلب. الواقع المماثل إياها بالعلبة السوداءؤ في التصوير الفوتوغرافي على غرار استعارة ماركس.
- إبرازه للإيديولوجيا كظاهرة تجويفية وتزيينية، بل أنهما تقوم أكثر من ذلك بوظيفة تبريرية مرتبطة بالسلطة والسيطرة.
- تبيانه لوظيفة أخرى أهم وأعمق من الوظيفتين السابقتين وهي وظيفة الإدماج التي تعمل بواسطتها جماعة بشرية على نقل وتخليد وعناصرها الثقافية والاجتماعية إلى أفرادها قصد تشكيل الهوية الجماعية.
لأسئلة:
1- ما الفرق بين الإحساس والوعي؟
2- هل فقدان الذاكرة يعني فقدان الوعي؟
3- هل يمكن الوعي والتفكير في "اللاشيء"؟
4- هل اللاوعي نقيض للوعي؟
5- ما الفرق بين الوعي والتفكير؟
6- هل يمكن أن يكون الوعي مصدرا للوهم؟
7- ما هي الإيديولوجيا؟
8- ما الفرق بين الإيديولوجيا والطوبى (اليوتوبيا)؟
9- ما الفرق بين الفكر الإيديولوجي والفكر العلمي؟
10- أين بكمن التشابه بين الدين والإيديولوجيا؟
القولات:
1- "كل وعي  هو أزمة فكرية = La prise de conscience est une crise de conscience". ما رأيك  ؟
2- " ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل على العكس إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم". حلل وناقش
3- هل تتفق مع القول التالي: "الوعي الجمعي هو مجموع لاوعي الأفراد"؟
4- "لكي يكون وعيك جيدا في السياسة، يكفي أن تكون لديك ذاكرة ضعيفة". ما رأيك؟
5- "لا تحدث الثورات إلا هناك حيثما يوجد وعي". ما هو تقييمك لهذا القول؟
6- "الوعي هو الحياة، واللاوعي هو الموت، وبينهما يوجد العذاب". ما رأيك؟
7- "لا ينبغي التخوف من الإيديولوجيا إلا عندما ترتكز على الكراهية". ما رأيك؟
8- "العالم الثالث ليس حقيقة ولكنه إيديولوجيا" علق على هذا القول.
9- "الإيديولوجيا منظومة فكرية متناسقة مع ذاتها لكنها ليست متناسقة مع الواقع" ما رأيك؟
10- "الإيديولوجيا هي التي تفكر بدلا عنك". هل تتفق مع هذا القول؟
النصوص:
1-" وهكذا فإني و لما رأيت أن حواسنا تخدعنا أحيانا، افترضت أنّ لا شيء هو في الواقع على الوجه الذي تصوره لنا الحواس. وكذلك لما وجدت أن هناك رجالا يخطئون في استدلالاتهم، حتى في أبسط مسائل الهندسة، ويأتون فيها بالمغالطات، وأني كنت عرضة للزلل في ذلك كغيري من الناس، أعتبر باطلا كل استدلال كنت أحسبه من قبل برهانا صادقا. وأخيرا، لما لاحظت أن جميع الأفكار، التي تعرض لنا في اليقظة، قد ترد علينا في النوم، من دون أن يكون واحد منها صحيحا، عزمت على أن أتظاهر بأن جميع الأمور التي دخلت عقلي لم تكن أصدق من ضلالات أحلامي. ولكني سرعان ما لاحظت، وأنا أحاول على هذا المنوال أن أعتقد بطلان كل شيء، أنه يلزمني ضرورة، أنا صاحب هذا الاعتقاد، أن أكون شيئا من الأشياء. ولما رأيت أن هذه الحقيقة : أنا أفكر، إذن أنا موجود ، هي من الرسوخ بحيث لا تزعزعها فروض الريبيين مهما يكن فيها من شطط، حكمت بأنني أستطيع مطمئنا أن أتخذها مبدأ أولا للفلسفة التي كنت أبحث عنها.
ثم إني أمعنت النظر بانتباه في ما كنت عليه ، فرأيت أنني أستطيع أن أفرض أنه ليس لي أي جسم، وأنه ليس هناك أي عالم، ولا أي حيّز أشغله، ولكنني لا أستطيع من أجل ذلك أن أفرض أنني غير موجود، لأن شكي في حقيقة الأشياء الأخرى يلزم عنه بضد ذلك، لزوما بالغ البداهة و اليقين، أن أكون موجودا، في حين أنني، لو وقفت عن التفكير، وكانت جميع متخيلاتي الباقية حقا، لما كان لي أي مسوغ للاعتقاد أنني موجود. فعرفت من ذلك أنني جوهر كل ماهيته أو طبيعته لا تقوم إلا على الفكر، ولا يحتاج في وجوده إلى أي مكان، ولا يتعلق بأي شيء مادي، بمعنى أن "الأنا " أي النفس التي أنا بها ما أنا، متميزة تمام التميز عن الجسم، لا بل إن معرفتنا بها أسهل. ديكارت، مقال في المنهج.
هل يمكن الاعتماد على الحواس لأجل الوعي الحقيقي؟
2- " إن النفس والجسد شيء واحد، تارة نتصوره بصفة الفكر وطورا بصفة الامتداد مما يجعل نظام الأشياء أو ترابطها هو الأمر نفسه سواء أكانت الطبيعة متصورة على هذا النحو أو ذاك. مما يترتب عنه أن نظام أفعال الجسد وأهوائه تتوافق بالطبع مع نظام أفعال النفس وأهوائها (...) وبالرغم من أن طبيعة الأشياء لا تسمح بأي شك في هذا الشأن فإنني أحسب مع ذلك أن البشر، ما لم نمدهم بتأكيد تجريبي لهذه الحقيقة فإنهم سيجدون صعوبة في قبول تقليب هذا الأمر بعقل غير متحيز لشدة اقتناعهم بأن الجسد يتحرك تارة و طورا يكف عن الحركة بأمر من النفس وحدها، ويأتي أفعالا عديدة أخرى متوقفة على إرادة النفس وحدها وعلى طريقتها في التفكير. فلا أحد إلى الآن - والحق يقال - قد بين ما يستطيع الجسد فعله أي أن التجربة لم تعلم أحدا إلى اليوم ما يمكن للجسد بواسطة قوانين طبيعته وحدها، منظورا إليها بما هي جسمية فحسب، أن يفعله وما لا يمكن له أن يفعله إلا ما كان محددا من قبل النفس. وبالفعل فانه لا يعرف أحد تركيبة الجسد بقدر كبير من الدقة بحيث يمكن له أن يفسر كل وظائفه، دون أن نفصل الرأي هنا في ما نلاحظه عديد المرات في الدواب مما يتجاوز الفطنة البشرية على نحو كبير أو ما يفعله غالب الأحيان - النائم الماشي ، مما لا يجرأ عليه في يقظته. وإن ذلك ليبين بما فيه الكفاية أن الجسد يستطيع بواسطة قوانين طبيعته وحدها القيام بأشياء كثيرة تحمل النفس على الدهشة. ولا أحد يعرف كذلك كيف تحرك النفس الجسد ولا أية درجة من الحركة تستطيع أن تحدث فيه، ولا بأي سرعة يمكن لها تحريكه؛ فيترتب عن ذلك إن الذين يقولون إن هذا الفعل أو ذاك من أفعال الجسد مصدره النفس التي لها نفوذ كبير عليه، إنما يقولون ما لا يعلمون، وليس لهم من سبيل سوى الاعتراف، في لغة مموهة، بجهلهم للعلة الحق لفعل لا يثير لديهم أيّة دهشة. بيد أنه قد يقال إننا، سواء أعرفنا بأية وسائل تحرك النفس الجسد أم لم نعرف ذلك، فإننا - مع ذلك - على بينة بواسطة التجربة أن الجسد سيكون عاطلا لو كانت النفس قاصرة عن التفكير. ونحن نعرف أيضا بالتجربة أنه في مقدور النفس كذلك أن تتكلم أو أن تصمت وأشياء أخرى نظنها بعدئذ خاضعة لأمر النفس .
فأما في ما يتعلق بالحجة الأولى فاني أطلب من الذين يعتمدون التجربة ما إذا لم تكن هذه التجربة تفيد أيضا أنه إذا كان الجسد من ناحيته ساكنا فان النفس في ذات الوقت تكون قاصرة عن التفكير، فحينما ينقاد الجسد إلى الراحة في النوم فان النفس تبقى فعلا نائمة بنومه وليس لها قوة التفكير التي لها أثناء اليقظة ويعرف الجميع بالتجربة أيضا فيما أعتقد أن النفس ليس بوسعها دوما التفكير بنفس القدر في الموضوع الواحد، وأنه بحسب استعداد الجسد لاستيقاظ صورة هذا الموضوع أو ذاك تكون النفس أكثر استعدادا لاعتبار هذا الموضوع أو ذاك ...
وأما عن الحجة الثانية فمن المؤكد أن شؤون البشر ستكون طبعا في حال أفضل لو كان باستطاعتهم أيضا الصمت أو الكلام على حد سواء؛ بيد أنه ، وقد بيّنت التجربة ذلك بيانا مستفيضا، أن لا شيء أصعب على البشر من التحكم في ألسنتهم وليس أمرا يقصرون فيه قدر تقصيرهم في السيطرة على نوازعهم، ولذلك يعتقد أغلب الناس أن حرية الفعل لدينا موجودة فحسب فيما يتعلق بالأشياء التي نميل إليها بعض الميل لأنه من الهين علينا إخضاع النزوع بتذكر شيء آخر كثيرا ما نستحضره ، في حين أننا لسنا أحرارا إطلاقا فيما نميل إليه بإقبال شديد لا يحد منه تذكر أي شيء آخر. و إذا كانوا مع ذلك لا يعلمون بالتجربة أننا نندم في عديد المرات على ما قمنا به من أفعال، وأننا في الغالب، عندما تتغلب علينا انفعالات متعارضة ندرك الأفضل ونأتي الأرذل، فلا شيء يمنعهم عندئذ من الاعتقاد أن كل أفعالنا حرة. وهكذا يظن الرضيع انه يشتهي الحليب بكل حرية، والفتى أنه يريد الثأر من جراء غضبه والجبان انه يريد الفرار، كذلك يظن المخمور أن ما يقوله قرار حر صادر عن النفس في حين أنه يود - حال تخلصه من تأثير الخمر عليه - أن لا يتفوه بما كان قد تفوه به ، كذلك الشأن بالنسبة إلى الهاذي والثرثار والطفل وعدد كبير جدا من الأفراد من نفس الطينة الذين يعتقدون أنهم يتكلمون بقرار حر من النفس في حين أنه ليس بوسعهم التحكم في ما دفعهم إلى الكلام ، تبين التجربة إذن بالقدر نفسه الذي يبينه العقل أن البشر يعتقدون أنهم أحرار، لهذا السبب الوحيد المتمثل في أنهم واعون بأفعالهم وجاهلون بالعلل التي تتحكم فيها، وأن أوامر النفس ليست شيئا آخر سوى النوازع ذاتها، وهي تتغير بالتالي بحسب الاستعداد المتغير للجسد." باروخ اسبينوزا، الأخلاق
هل يعي الإنسان الجسد؟
3- " ثمة قول مأثور ينصح الإنسان بألاّ يخدم سيدين في آن واحد. و الأمر أدهى وأسوأ بكثير بالنسبة إلى الأنا المسكين إذ عليه أن يخدم ثلاثة أسياد قساة، وهو يجهد نفسه للتوفيق بين مطالبهم. وهذه المطالب متناقضة دوما، وكثيرا ما يبدو التوفيق بينها مستحيلا، فلا غرابة إذن أن يخفق الأنا غالبا في مهمته. وهؤلاء المستبدون الثلاثة هم العالم الخارجي والأنا الأعلى و الهو، وحين نعاين ما يبذله الأنا من جهود ليعدل بين الثلاثة معا، أو بالأحرى ليطيعهم جميعا، لا نندم على أننا جسمنا الأنا وأقررنا له بوجود مستقل بذاته، إنه يشعر بأنه واقع تحت الضغط من نواح ثلاث، وأنه عرضة لثلاثة أخطار متباينة يرد عليها، في حال تضايقه، بتوليد الحصر. وبما أنه ينشأ أصلا عن تجارب الإدراك، فهو مدعوّ إلى تمثل مطالب العالم الخارجي، غير أنه يحرص مع ذلك على أن يبقى خادما وفيّا للهو، وأن يقيم وإياه على تفاهم ووفاق، وأن ينزل في نظره منزلة الموضوع، وأن يجتذب إليه طاقته الليبيدية. وكثيرا ما يرى نفسه مضطرا، وهو الذي يتولى تأمين الاتصال بين الهو و الواقع ، إلى التستر على الأوامر اللاّشعورية الصادرة عن الهو بتبريرات قبل شعورية وإلى التخفيف من حدة المجابهة بين الهو والواقع، وإلى سلوك طريق الرّيّاء ا لدبلوماسي و التظاهر باعتبار الواقع، حتى وإن أبدى الهو تعنتا وجموحا. ومن جهة أخرى، فان الأنا الأعلى القاسي ما يفتأ يراقبه ويرصد حركاته، ويفرض عليه قواعد معينة لسلوكه غير مكترث بالصعاب التي يقيمها في وجهه الهو والعالم الخارجي. وإن اتفق أن عصى الأنا أوامر الأنا الأعلى عاقبه هذا الأخير بما يفرضه عليه من مشاعر أليمة بالدونية والذنب. على هذا النحو يكافح الأنا، الواقع تحت ضغط الهو والرازح تحت نير اضطهاد الأنا الأعلى والمصدود من قبل الواقع، يكافح لإنجاز مهمته الاقتصادية و لإعادة الانسجام بين مختلف القوى الفاعلة فيه والمؤثرات الواقعة عليه. ومن هنا نفهم لماذا يجد الواحد منا نفسه مكرها في كثير من الأحيان على أن يهتف بينه وبين نفسه : " آه ، ليست الحياة بسهلة ". سيغموند فرو يد، محاضرات جديدة في التحليل النفسي
كيف يؤدي الأنا وظيفته؟
4- "إن التناقض لا يقوم بين الوعي واللاوعي؛ ذلك أن اللاوعي ليس نقيض الوعي، وليس انعداماً أو نفياً له. فاللاوعي هو وعي كامن، يهدأ في سكينة الطاقة الواعية المستغرِقة في ذاتها؛ والوعي هو اللاوعي الذي ينفتح إلى الوجود رويداً ليفهم ذاته. إن وعيي الحالي هو وعيي الذي كان كامناً في كياني على نحو لاوعيٍ بالحاضر، ووعي كامل مستغرق في الوجود.
يتطابق الوعي واللاوعي ويتكاملان في وحدة تامة. فالحياة رحلة تبدأ باللاوعي – وهو الوعي الكامن، المستغرق في غيبوبة النشوة الروحية، والمتأمل ذاته على نحو عميق – وتنتهي بالوعي الذي بدأ يدرك أنه يدرك الموضوع الخارجي، ويتصور، ويتخيل، ويشعر، ويحس، ويحدس، ويجرِّد...
فإذا كان الوعي نتاج صلة الفكر والموضوع، العقل والمادة – ونعني: إذا كان وعينا يتشكل من انعكاس أشكال وصور المادة في أدمغتنا – كان اللاوعي انعدام وجود الأشكال والصور. إذن فاللاوعي هو الوجود الروحي المحض الذي يحقق ذاته على نحو وعي في العالم المادي الذي ندعوه عالمنا. ولا شك أن فهمنا لهذه الحقيقة يُمِدُّنا بنظرة كونية صافية تجعلنا متكاملين في ذواتنا. مقال من الأنترنت
هل يمثل اللاوعي نفيا للوعي؟
5- " منذ القدم، لاحظ الباحثون في علم النفس الإدراكي أن ردّة الفعل الفورية تجاه بعض المواقف كثيراً ما تسبق التفكير المنطقي. وهذا يعني أن الإنسان يشعر في لاوعيه بالأمور قبل حصولها، ويسرع إلى مواجهتها بانعكاسات فطرية لا تتناسب وأحكام العقل الواعي.
لنأخـذ مثـلاً شخـصاً قابلناه للـمرة الأولى وشعرنا تجاهه بكراهية لا مبرر لها، فما سبب ذلك؟ إن هذا الشخص، حسب اعتـقاد علماء النفـس، يرفضه لاوعـينا بعدما يقيّمـه انطلاقا من مقاييـس معيـنة، منها رواسب الذكريات والصراعات الداخلية، ثم ينقل الصـورة المأخـوذة عنه إلى شاشة "رادارنا الداخلي" ومنه إلى العقل الباطن الذي يطلق إشارات إنذار فورية، قبل أن تصل المعلومات إلى مركز التحليل الواعي ونتمكن من الانصياع إلى حكم المنطق.
تفكيرنا إذن يمر بمرحلة اللاوعي قبل الوعي، الأمر الذي يمدنا بطاقات هائلة تتخطى الزمان والمكان. وعن طريق الاستعانة بهذه الطاقات الغامضة، تمكّن أجدادنا من تحدي الصعاب والتنبؤ بالمخاطر استعدادا لمواجهتها وبالتالي تمكنوا من تأمين بقاء النسل. مقال من الأنترنت
كيف يعمل اللاوعي؟
6- "... إن الإيديولوجيات تتميز عن المنظومات المعتقدية الأخرى بالموقع الذي تحتله بالنسبة إلى ثماني معايير. فهي تعلن عن نفسها من خلال: 1- طابعها الصريح والواضح، 2- إرادتها في الالتفاف حول معتقد إيجابي...، 3- إرادتها في التميز بالنسبة إلى منظومات معتقدية أخرى ماضية أو حاضرة، 4-انغلاقها أمام التجديد، 5-الطابع المتشدد لقناعاتها، 6- الطابع الهواوي (من الهوى) لانتشارها، 7- مطالبتها بالتموقع والانتماء، 8- وأخيرا ارتباطها بمؤسسات مكلفة بدعم وتحقيق المعتقدات المعنية." ر. بودون، الإيديولوجيا
ما هي الخصائص المميزة للمنظومات الإيديولوجية؟
7- "أوضحنا خمسة استعالات رئيسة:
أولا: استعمال القرن 18 حيث تعني الأدلوجة الأفكار المسبقة الموروثة من عصور الجهل والاستعباد والاستغفال. يتقابل في هذا الاستعمال التقليد الجاهل مع العقل الكاشف عن البديهية، وهو عقل لا يختلف في الفرد وفي الإنسانية جمعاء. فينظر إلى الأدلوجة انطلاقا من العقل الفردي.
ثانيا: استعمال الفلاسفة الألمان، هبجل والرمانسيين بوجه خاص، حيث تعني الأدلوجة منظومة فكرية تعبر عن الروح التي تحفز حقبة تاريخية إلى هدف مرسوم في خطة التاريخ العام. فينظر إلى الأدلوجة انطلاقا من التاريخ كخطة واعية بذاتها.
ثالثا: الاستعمال الماركسي حيث الأدلوجة منظومة فكرية تعكس بنية النظام الاجتماعي. فينظر إلى الأدلوجة انطلاقا من البنية الباطنة للمجتمع الإنساني الذي يتميز بإنتاج وسائل استمراريته.
رابعا: استعمال نيتشه حيث الأدلوجة مجموع الأوهام والتعليلات والحيل التي يعاكس بها الإنسان/الضحية قانون الحياة. فينظر إلى الأدلوجة انطلاقا من الحياة كظاهرة عامة تفصل عالم الجماد عن عالم الأحياء.
خامسا: استعمال فرويد حيث الأدلوجة مجموعة الفكرات الناتجة عن التعاقل الذي يبرز السلوك المعاكس لقانون اللذة الضروري لبناء الحضارة. فينظر إلى الأدلوجة انطلاقا من اللذة وهي ميزة الحيوان وبالتالي ميزة الإنسان الأولي.
في هذه الاستعمالات الخمسة تتغاير التعابير (تقليد، روح، بنية، وهم، تعاقل) وتختلف المنطلقات التي تميز الأدلوجة عن الحق (عقل فردي، تاريخ عام، مجتمع إنساني، حياة حيوان)، لكننا نلاحظ فيها تشابها بنيويا، كل استعمال يفرق بين الظاهر والخفي، بين الملموس والحقيقي، بين الوجود والقيمة، يحدد بالتالي الأدلوجة انطلاقا من الحق الثابت، فيرفع قناع الأدلوجة عن الحقيقة الباطنية..." عبد الله العروي، مفهوم الإيديولوجيا
ما هو المشترك في الاستعمالات المختلفة لمفهوم الإيديولوجيا؟
8- " إن الدولة هي أوسع وأضخم مؤسسة إجرامية في كل العصور، وفاعليتها أكبر من أي مافيا في التاريخ.
وهنا يأتي دور الإيديولوجيا والإيديولوجيين. ففي كل العصور أقامت الدولة حواريين وظيفتهم هي إضفاء المشروعية عليها. وهؤلاء الإيديولوجيون مكلفون بتفسير أن جريمة فردية هي شيء يتعين إدانته لكن نفس الفعل الذي تمارسه الدولة بصورة جماعية هو عبارة عن عدالة. بدون إيديولوجيا ليس هناك جهاز دولة. والساسة يعرفون ذلك جيدا منذ القديم. لقد تغير مضمون الإيديولوجيات لكن الهدف ظل هو هو دوما: وهو إقناع الرأي بأن وجود الدولة وسيئاتها ضروريان ويتعين أن يكونا مطلقين. لا يوجد أي نظام... يمكن أن يستمر... إذا لم يكن الرأي العام يدعمه ويسانده...
كان الرهبان لزمن طويل هم الإيديولوجيين. وفي العصر الحديث استبدلت الدولة الرهبان بخطاب ذي مظهر علمي من طرف الاقتصاديين والعلماء وباقي الجامعيين. وليس من باب الصدفة أن هؤلاء الدعائيين موظفون من طرف الدولة، وأن الدولة تراقب كل أشكال التعبير والتواصل. وهذا ما يحول دون قيام ثورة تحررية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

إشترك الأن في القائمة البريدية

لكي يصلك جديد المواضيع إلى بريدك الإليكتروني

جميع الحقوق محفوضة © لموقع دراسة ويب 2013

تصميم :ياسين بنيسو